شماليات

مرحبا بكم في مدونتي المتواضعة التي أجمع فيها زبدة ما كتبته في الشبكة العنكبوتية كما وأنوه أن حقوق النشر والنقل محصورة لكاتب هذه القصص والمقالات ولا أحل أحدا أن ينقل شيء من دون ذكر المصدر والاشارة إلى كاتبها أبو ذر الشمالي

الاثنين، 29 فبراير 2016

في بيتنا أبو بريص


منذ عدة أيام وبعد عودتي إلى المنزل بعد يوم روتيني قضيته في عملي وعندما دخلت المنزل فوجئت بزوجتي تقف على قدم واحدة وأول ماولجت المنزل صاحت بي:
الحمد لله أنك أتيت
ابتسمت ابتسامة الرضا فلقد ظننت للوهلة الأولى أنها مشتاقة إلى رؤيتي وأن جرعة الحنين قد زادت عندها ولكن فرحتي لم تعمر إذ أنها سرعان ما أشارت إلى السقف وقالت لي انظر
نظرت وليتني لم أفعل ، إذ وقعت عيني على أبو بريص ( وهو السام الأبرص كما يطلق عليه في الفصحى)
لم يكن أبو بريص عادي بل كان بالحجم العائلي أو هكذا ظننته فأنا ليس عندي خبرة واسعة مع فصيلة الزواحف
ولأني جبان، نعم أنا جبان، قد أخجل ، قد استحي ، قد أتردد في قول هذا ولكني حقاً جبان ، وخاصة مع الحيوانات، فالحيوانات لاعقل لها ولاتمييز ولاتدري ماذا يكون ردة فعلها تجاهك فقد تهجم عليك ، قد تعضك، قد تقفز في وجهك، فهي دواب لاتفقه وليس هناك معايير تستطيع أن تتعامل معها بها،ولا تستطيع أن تؤاخذها وتقول لها عيب يادواب ، لايجوز يا حيوان، هذا خطأ يا بهيم فهي دواب عجماء لاتفقه ولن تعير ملاحظاتك وانزعاجك أي اهتمام ، ولأني لم أكحل عيناي في حياتي برؤية أبو بريص إلا مرات معدودة ومن بعيد لبعيد فلقد اعتبرت أني وقعت في مشكلة عويصة، ولكني مع ذلك لاأستطيع أن أبوح لزوجتي بشعوري هذا ، فأنا الرجل وعلي أن أقوم بواجبي، ثم أني أخجل أن أفتح فمي مثل البلهاء وأقول لزوجتي أني أخاف من أبو بريص أفندي فإن قلت لها ذلك خيبت ظنها بي وهي التي تنتظرني على أحر من الجمر ، ثم أني لو قلت لها ذلك فستنهار كرامتي أمامها وستتبعثر رجولتي وستتمرغ هيبتي المصطنعة التي بنيتها منذ سنوات زواجنا وستصبح في الحضيض لذلك بلعت خوفي وقلت لها بكل هدوء وثقة نفس وقد افتعلت ابتسامة عريضة:
سامحك الله يا أم العيال ،هههه، كل هذا الخوف من أجل أبو بريص هههه، إنه أبو بريص هههه00لايؤذي00أبو بريص!!
قلت هذا مع أني بداخلي ( بايظ أوي) كما يقول إخواننا في مصر، أما زوجتي فقد ابتدرتني قائلة:
يا رجل كيف لايؤذي، إنه يسبب البرص، ثم أنه قد قفز في وجهي وقد حاولت أن ألحق به وأضربه ولكنه هرب وصعد إلى السقف كما ترى وهو منذ ساعتين في مكانه لم يبرحه
قلت في نفسي: يا خيبتك يا أبا ذر، يعني زوجتك تلحق به ويهرب منها وأنت خائف منه
قلت لها : وما العمل الأن؟
فأجابتني: أصعد إليه وأقتله
ترددت قليلاً ولكني بالنهاية صعدت إليه مصطحباً معي سلاحي وهو عبارة عن حذائي وعندما وصلت إليه اكتشفت أنه كبير جداً فقلت في نفسي: حذاء ماذا الذي سأضربه به ، هذا بحاجة إلى مدفع أو رشاش
نظرت إلى أسفل فرأيت زوجتي ترقب الأمر بإهتمام وابني ابن السنتين والنصف قد أصابته عدوى الذعر وهو خائف جداً ، الوحيد الذي لم يكن متوتر بيننا هو ابنتي ابنة السنة والنصف فلقد كانت تضحك مسرورة وأزعم أنها لو تمكنت من أبو بريص وأمسكته لوضعته في فمها
قالت لي زوجتي: ما بك يا رجل لماذا تقف مكانك مكتوف الأيدي ولا تضربه
فأجبتها: لاينبغي أن أضربه هكذا ، لابد أن أخذ وضعيتي وأضربه ضربة نجلاء لايصحو منها أبدا
ثم أني اقتربت رويداً رويدا منه وراعني منظره المقرف خصوصاً وهو يحرك ذنبه ويلوي لي رأسه وكأنه يتحداني ويقول لي: تقدم إن كنت رجل
اقتربت منه وهمست في أذنه: يا أبو بريص، الله يخليلك بريص، دعنا نحل الأمور سلمياً ، لا نؤذيك ولا تؤذينا، اخرج من بيتي وسأتجاوز عنك لإقتحامك عقر داري من غير استئذان وسأعتبر هذا غلطة غير مقصودة
ولكنه استمر في هز ذنبه وتحريك رأسه وكأن الأمر لايعنيه

أستخدمت معه كل الطرق السلمية ولكنه أبى قلت له: يا حبيبي يا أبو بريص لاتستفزني ، لاتجعلني أغير أسلوبي في التعامل معك ، سأغمض عيني الأن وأفتحها وأراك غادرت من حيث أتيت ،ولكنه بقي متسمراً مكانه لايبرحه
أستخدمت معه أسلوب المشعوذين ورحت أنفث في وجهه قائلاً
بخ بخ بخ الوحى الوحى الوحى الساعة الساعة الساعة
ولكنه لم يتاثر بشعوذاتي فهو ليس من فصيلة اشليطان على حد قول أخونا أبو جندلة
أما زوجتي فقد نفذ صبرها وقالت لي :ماذا تفعل يا رجل لماذا لاتضربه
فقلت لها: سأضربه، ولكن الأمر يحتاج إلى تكتيك
فتأففت وقالت: تكتيك، وهل أنت في جبهة قتال، اضربه وخلصنا ، فقد يقفز على ابنك أو ابنتك أو يقفز علي
أرأيتم لا خير للنساء في أزواجهن ، فقد خافت على نفسها وعلى الأولاد أن يقفز عليهم ولم تخشى علي مع أني أقف في فوهة المدفع ، ولكن لا بأس سأظل أذكر لزوجتي هذا الموقف السلبي الذي وقفته ضدي في قضيتي مع أبو بريص
المهم أن هذا المخلوق العجيب قد تحرك صاعدا إلى أعلى نقطة في السقف فتنفست الصعداء وهممت بالنزول من على السلم ولكن زوجتي زجرتني قائلة:
إلى أين ستنزل
فقلت لها : يا إمراءة لقد تمركز في نقطة يصعب علي الوصول إليه ،سأنتظره ريثما ينزل إلى مستوى أستطيع ضربه
فقالت لي: وهل سنظل ننظر إليه حتى ينزل
فقلت لها: إن كانت هذه مشكلتك فلا تنظري إليه ، انظري إلى ولدك الخائف وإلى إبنتك التي انتقلت إليها عدوى الخوف، انظري إلى التلفاز، انظري إلى الطبخة التي ستحترق ، انظري إلى أي شيء وخلصينا ، يعني الواحد يدخل المنزل يشاهد في وجهه باقة ورد، مائدة شهية، صحن فواكه، أنا أدخل إلى المنزل تستقبلوني بأبو بريص!!
المهم أن زوجتي خرجت من الغرفة تهمهم بكلمات لم أفهمها ولكنها كانت غاضبة وكان هذا نذير سوء بالنسبة لي أن رجولتي سوف تتمرمط إن لم أقتل هذا الأبو بريص اللعين
فكرت في نفسي يالله كم أنت جبان يا أبا ذر كل هذا من أجل أبو بريص طيب ما الحال لو تفاجئت لاسمح الله بأفعى أو ضبع أو ماشابه ساعتها لابد أن تسقط صريعاً من الخوف ، وتذكرت صاحباً لي هوايته صيد الأفاعي ، حكى لي مرة كيف يصطاد الأفعى وكيف ينزع منها السم وكيف يسلخ جلدها ، صار يحدثني عن بطولاته ومغامراته بينما كنت أسرح في خيالي وأفكر بمثل هذه الهوايات، تذكرت حينها أخونا الناصر الذي هوايته جمع الأفران وقلت في نفسي يا سبحان الله وللناس فيما يعشقون مذاهب ، واحد هوايته صيد الأفاعي والثاني هوايته جمع الأفران وبكرة يطلعلنا واحد هوايته فرقعة أصابعه وأخر هوايته نكش أسنانه وللناس فيما يعشقون مذاهب،
ماذا حصل معك
إنه صوت زوجتي قطع علي سلسلة أفكاري نظرت إليها وإذ بها تنظر إلي مكشرة عن أنيابها وقد أخذ منها الغضب كل مأخذ وقالت:
ألم تقتل هذا السبع الضاري
شممت من رائحة كلامها سخرية واضحة
أما زلت تخطط للمعركة التي ستخوضها ضد أبو بريص
أممممم يا أبا ذر إذن وصلت الأمور إلى حد أن رجولتك في خطرو السبب هو هذا الأبو بريص اللعين، نظرت إليه فإذ هو في مكانه لم يبرحه ونظرت إلى زوجتي فرأيت في نظراتها عتاب شديد وكأني قد خيبت ظنها بي وهي التي كانت تنتظرني ، أعدت النظر إلى أبو بريص وقلت في نفسي :
علي أن أنتهي من عقدة الخوف فمن العيب على الرجل أن يخاف وخاصة منك أنت ، أنت إن طلعت وإن نزلت فأنت أبو بريص ، ثم أني أمسكت بحذائي وقفزت إلى السلم وصعدت عليه وهويت بحذائي على أبو بريص الذي سقط مغشياً عليه وألحقته بضربتين فتوفي غير مأسوف عليه
انطلقت زوجتي تكيل لي بكلمات المديح والثناء على رجولتي التي لايشق لها غبار وعلى بطولتي التي قيل في حقها الأشعار ، أما أنا فقد عادت لي هيبتي وقلت لها بعد أن جلست متربعاً:
يا زوجتي ههه، إنه أبو بريص ههههه، لايؤذي ههه، أبو بريص ههههه
بينما كنت أختلس النظر إليه من طرف عيني فقد خشيت أن يهب مثل أفلام الرعب عندما يقتل الشرير فإنه يعود وينهض من جديد ليهجم على بطل الفلم
أبعد الله عنكم البرص وأبو بريص وأم بريص وبريص وكل عائلة بريص
السلام عليكم
__________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق