شماليات

مرحبا بكم في مدونتي المتواضعة التي أجمع فيها زبدة ما كتبته في الشبكة العنكبوتية كما وأنوه أن حقوق النشر والنقل محصورة لكاتب هذه القصص والمقالات ولا أحل أحدا أن ينقل شيء من دون ذكر المصدر والاشارة إلى كاتبها أبو ذر الشمالي

الاثنين، 29 فبراير 2016

نأسف على الازعاج 00مسرور يبتسم



في صباح يوم جديد وبعد أن استيقظ مسرور من نومه وهب من فراشه كان يعلم أن يومه هذا لن يكون يوماً عادياً ، فهو كان قد أخذ قرار بينه وبين نفسه أنه لن يغضب في هذا اليوم بل سيظل مبتسماً مهما حصل ومهما حدث ، ومع أن مسرور قد راودته هذه الفكرة منذ وقت بعيد ولكنه كان يماطل في تنفيذها ويؤجلها لمعرفته المسبقة أن من الصعب أن يظل يوماً كاملاً يبتسم ، فعدا أن عضلات فمه سوف تؤلمه من كثرة الإبتسام فإن مشاكل الحياة لن ترحمه ولن تعطيه الفرصة أن يظل مبتسماً يوماً بكامله وهو الذي بالعادة يبقى يومين أو ثلاثة لا يفشخ حنكه حتى بات معروفاً عند الجميع أن مسرور دائماً مقهور وهو عن الإبتسام محظور وإن أردتم الحق فهو معذور فالحياة تغور ومشاكلها لا تبور ، ولكنه مع ذلك قرر أن ينفذ ما عزم عليه وأن يظل مبتسماً طيلة هذا اليوم مهما حصل بحيث يكون هذا اليوم هو يوم الإبتسام العالمي بالنسبة لمسرور.
خرج مسرور من غرفته تعلوه ابتسامة الصباح ودخل المطبخ ليجد زوجته وأبنائه الثلاثة متحلقين حول مائدة الإفطار ينتظرون قدومه الميمون فسلم وجلس والإبتسامة المشرقة لا تفارقه ألتفت إلى زوجته وقد بش ( من البشاشة ) وقال لها:
كيف حالك يا زوجتي العزيزة هل نمت جيداً
ردت زوجة مسرور وتكشيرة الصباح تعلو محياها : نمت جيداً ؟! وكيف أنام جيداً وأنت شخيرك واصل إلى أخر الحارة ، يا رجل ألف مرة قلت لك أن تذهب إلى طبيب الأنف وتجري عملية وتزيل هذه الجيوب من أنفك ، لأني لا أستطيع أن أنام وسمفونياتك التي تتحفني فيها كل ليلة لا تتوقف يا مسروور
رد مسرور( وهو يبتسم) : لا بأس يا عزيزتي سأقوم بزيارة الطبيب بأسرع وقت ممكن إن شاء الله
وديع ( ابن مسرور ) : خير يا أبي أراك اليوم مبتسماً ، خير إن شاء الله
مسرور ( وهو يبتسم ) : ولماذا لا ابتسم يا بني ، من كان عنده مثل هذه العائلة فلا بد أن يبتسم
وديع ( بأسلوب انتهازي) : حسناً يا أبي طالما أنت مسرور ومبتسم هكذا على غير العادة فأريد أن أذكرك بالقسط الجامعي ، فقد مضى خمسة أيام على موعده يا أبتاه
مسرور ( يبتسم ) : بالطبع يا بني ، القسط الجامعي ، نعم ، خلال يومين يكون القسط جاهزاً إن شاء الله
وديع : ولكن يا أبي 000
مسرور ( يبتسم ) : خلاص يا وديع انتهينا يا بني ، يومين ويكون القسط عندك
هدى ( ابنة مسرور ) : وأنا يا أبي
مسرور ( يبتسم ) : وأنت ماذا يا هدى
هدى : أستاذة اللغة الأجنبية خرمت أذاني وهي تطالبني بأجرة دروس الشهر الماضي المتأخرة
مسرور ( يبتسم ) : لا بأس بعد يوميين إن شاء الله أعطيك أجر الدروس
هدى : ولكن يا أبي أنت منذ أسبوع تقول لي يوميين يوميين ولا تعطيني شيئاً
مسرور ( يكشر عن أنيابه ولكنه سرعان ما ينتبه لنفسه فيبتسم ) : يا هدى يا ابنتي كلها يوميين إن شاء الله وأعطيك المال ، انتهينا ياهدى ، انتهينا يا أولاد دعونا نفطر
سمير ( ابن مسرور الصغير ) : بابا متى ستشتري لي الدراجة التي وعدتني بها
مسرور ( يبتسم ) : أنا وعدتك بدراجة يا سمير ! متى كان هذا ؟
سمير :عندما كنا عائدين من بيت جدتي وكنت أنا وقتها أبكي أريد أن أبات عندها فقلت لي حينها أني إذا قعدت عاقل وأحسنت التصرف فسوف تشتري لي دراجة وأنا قعدت عاقل وأحسنت التصرف فمتى سوف تشتري لي الدراجة
مسرور ( يبتسم ) : قعدت عاقل ! ، ماشاء الله ، ليتك يا بني بت عند جدتك ولم تقعد عاقل ، إن شاء الله يا سمير، في الصيف يا ولدي في الصيف
يصيح سمير : في الصيف ، ولكنك وعدتني أنك ستشتريها لي الأن
مسرور ( يبتسم ) : إن شاء الله يا سمير في أقرب وقت أشتري لك نيلة دراجة ، دعونا نفطر يا أولاد
زوجة مسرور (مكشرة ) : ممكن أفهم أنت لماذا تبتسم ، ألا يوجعك فمك وأنت تبتسم هكذا منذ أن جلست إلى الأن يا مسروور
مسرور ( يبتسم ) : سبحان الله في طبعك يا زوجتي ، يعني إن كشرنا لا نخلص وإن ابتسمنا لا نخلص ، يعني مالذي أثار حفيظتك في ابتسامتي
زوجة مسرور( مكشرة ) :أثار حفيظتي أنك تبتسم ونسيت أو تناسيت أن الثلاجة معطلة منذ أسبوع وأنت لم تأتي بعامل صيانة ليصلحها ، وقاعد تبتسم ونسيت أن خطبة أخي بعد اسبوعين وأنت لم تعطيني لحد الأن أجرة الخياطة ، وقاعد تبتسم وأنت لم تصلح باب الغرفة المخلوع ولم تأت بنجار ليصلحه يا مسروور
مسرور ( يبتسم ابتسامة باردة ) : الحمد لله لقد شبعت ، سأذهب إلى العمل هل تريدين شيئاً يا زوجتي
زوجة مسرور ( مكشرة ) : نعم ، وأنت راجع للبيت هات في إيدك علبه سمن ورز ودجاج ولا تنسى أن تدفع فاتورة الكهرباء وأشتري دواء للغسيل يا مسروور
مسرور ( يبتسم ) : لماذا هو الغسيل مريض لا سمح الله
زوجة مسرور ( مكشرة لا تضحك للرغيف السخن ) : ولا تنسى أن أهلي سيأتون غدا لزيارتنا فهات في إيدك قليل من الفاكهة والمكسرات والحلويات واللازم منه يا مسروور
مسرور ( يبتسم ) : اللازم منه ، !!أمم ، حاضر يا زوجتي عن أذنكم
زوجة مسرور ( مكشرة ) : لقد نسيت أن أخبرك أن أنبوبة الغاز فارغة يا مسروور
مسرور ( يصرخ مبتسماً ) : حاضر حاضر حاضر
زوجة مسرور ( مكشرة ) : مسرور لا تنسى كيس القمامة ابقى خذه في إيدك وأنت نازل يا مسروووور
0000000000000
نزل مسرور إلى الشارع والإبتسامة لا تفارق محياه ، نظر إلى ساعته فرأى أنه قد تأخر عن عمله فقرر أن يركب سيارة أجرة ليصل بأسرع وقت ، وفي التاكسي كان هذا الحوار بينه وبين وسائق التاكسي
السائق ( مكشر ) : ستة عيال وأنا وأمهم أصبحنا ثمانية إذا افترضنا أن كل واحد منا سيأكل رغيف خبزواحد في اليوم فكم أحتاج أنا إلى نقود من أجل أن أطعمهم خبز فقط ، ها ، أجبني
مسرور ( يبتسم ) : كان الله في العون
السائق ( مكشر ) : يا أخي ستة عيال كل واحد منهم يفتح فمه مثل مغارة جعتا ، من أين ألحق عليهم وكيف سألبي طلباتهم التي لا تنتهي
مسرور ( يبتسم ) : يعني أنت أيضاً ولا مؤاخذة ، يعني ستة ، ما شاء الله همتك عالية
السائق ( مكشر ) : وكله كوم والزبائن كوم ثاني ، يظنوننا نحن معاشر السائقين سننهبهم نهباً ، كل واحد يناقشنا على الأجرة وكأننا نملأ خزان الوقود ماء وليس بنزين
مسرور ( يبتسم ) : كان الله في عونكم أنتم تتعبون حقاً
السائق (مكشر ) : وكله كوم وشرطة المرور كوم ثاني ، البارحة بالأمس تلقيت مخالفة لأني نسيت أن أضع حزام الأمان
مسرور ( يبتسم ) : وأنت الأخر لماذا تنساه
السائق ( مكشر ) : يا أخي نسيت ، نحن بشر نخطأ وننسى ، جل من لا يخطأ ولا ينسى يا أخي ، هل تعلم أن علي أن أعمل اسبوعاً بكامله من أجل أن أغطي خسارة هذه المخالفة
مسرور ( يبتسم ) : كان الله في عونك
السائق ( مكشر ) : من أين سأطعم عيالي أنا هذا الأسبوع ، ها ، اجبني
مسرور ( يبتسم ) : فعلاً ، من أين ?
السائق ( مكشر ) : يا أخي أنت لماذا تبتسم ، ليس من اللباقة أبداً أن تبتسم وأنا أحكي لك عن مصيبة أصابتني
مسرور ( يبتسم ) : لا تؤاخذني ، أرجوك أنزلي هنا
نزل مسرور من سيارة الأجرة بعد أن دفع للسائق المكشر أجرته الذي بدوره تمتم بكلمات لم يسمعها مسرور لأنه كان قد نزل من السيارة .
اتجه مسرور إلى عمله وسلم على زملائه بالعمل بعد أن بادرهم بإبتسامة مشرقة وهناك دار بينه وبين زملائه الحوار التالي
منير ( مكشر ) : هل سمعتم أن الرز قد ارتفع سعره
صالح ( مكشر ) : يعني هي وقفت على الرز ، ما كل شيء ارتفع والأسعار أصبحت لا تطاق
مسرور ( يبتسم ) : على رأيك ، ما كل شيء ارتفع سعره
منير ( مكشر ) : البارحة أخذت ابني للطبيب فأخبرني أن علي أن أجري له عملية الزائدة بأسرع وقت ، لا أدري من أين سأتي بالمبلغ المطلوب
صالح ( مكشر ) : وماذا أقول أنا وزفاف ابنتي بعد أقل من شهرين ونحن ولم نشتري أي شيء بعد لتجهيزها
مسرور ( يبتسم ) : كان الله في العون
منير ( مكشر ) : يا أخي أنت لماذا تبتسم هكذا ، مالذي في حديثنا يجلب الإبتسام والفرح
صالح ( مكشر ) : فعلاً يا أخي مالذي يفرحك أنت ، حقاً صدق من قال الضحك بدون سبب قلة أدب ، ماهذا الحس البارد عندك يا أخي ، ألا تخجل من نفسك وأنت تبتسم لنا مثل البلهاء
منير ( مكشر ) : حقاً يا مسرور ما توقعتك بمثل هذه البلادة وما توقعت أن يصدر منك هذا الفعل المشين ، فعلاً اللي استحوا ماتوا
أدار مسرور ظهره لزملائه وهو يبتسم ، ومع أن نفسه راودته أن يكف عن الإبتسام بعد أن رأى ردة الفعل القاسية من زملائه نتيجة ابتسامته في وجوههم ولكنه بقي مصراً على أن يظل مبتسماً هذا اليوم مهما كانت النتيجة ، وبناء عليه فقد أدار ظهره لزملائه وجلس يبتسم للحائط ، وبعد أن أنهى مسرور عمله وفي طريقه إلى منزله صادف صديقه عبد المعطي ودار بينهما هذا الحوار
عبد المعطي ( مكشر ) : أخيراً صادفتك يا مسرور ، يا رجل أسبوع كامل وأنا أتصل بك في البيت وأنت تتهرب مني
مسرور ( يبتسم بتلعثم ) : عبد المعطي ، كيف حالك يا صديقي
عبد المعطي ( مكشر ) : لست بخير يا مسرور والسبب أنت
مسرور ( يبتسم ) : أنا ؟ لماذا خير إن شاء الله
عبد المعطي ( مكشر ) :يا رجل طلبت مني أن أقرضك مائة دينار وقرضة الله حسنة وقلت لي أنك ستردها لي بعد يوميين واليوميين أصبحا أسبوعيين والأسبوعيين أصبحا شهرين وأنت تتهرب مني ولا ترد لي مالي
مسرور ( يبتسم بخجل ) : والله يا عبد المعطي 00بصراحة0000أنا00الظروف
عبد المعطي ( مكشر ) : الظروف الظروف الظروف ، يا رجل ثقبت أذاني بالظروف ، إذا كنت لا تستطيع أن ترد للناس أموالهم فلماذا تستدين إذاً يا مواطن
مسرور ( تكاد الإبتسامة تفارقه ) : حسناً يا عبد المعطي يوميين فقط وأرد لك الدين الذي بذمتي
عبد المعطي ( مكشر ) : لقد شبعت من هذا الكلام ، منذ أكثر من شهر وأنت تقول لي يوميين ، يا أخي اتق الله يا أخي ، ثم تعال هنا وقللي لماذا أنت تبتسم هكذا ،أ تسخر مني يا مسرور ، تبتسم في وجهي يا مسرور
مسرور ( يبتسم بحذر ) : لا والله ليس القصد ولكن القصة000
عبد المعطي ( مكشر ) : القصة أنك لا تستحي يا مسرور ، قاعد تسخر مني وتبتسم في وجهي ، قل لي أنك لا تريد أن تدفع المال وخلصني
مسرور ( يبتسم ) : يا عبد المعطي لا داعي لهذا الكلام
عبد المعطي ( مكشر ) : فوضت أمري فيك لله يا مسرور ، فوضت أمري فيك لله يا مسرور
يمضي عبد المعطي وهو غضبان وهنا يتدخل جار مسرور الذي سمع الشجار فيقول :
الجار : خير يا جار لماذا هذا الرجل يصرخ هكذا
مسرور ( يبتسم ) : لقد كنت أتشاجر معه يا جار
الجار ( مستغرباً ) : سبحان الله تتشاجر مع الناس وأنت تبتسم ؟! ، إذا كنت تبتسم وأنت غضبان وتتشاجر مع الناس إذاً كيف يكون حالك إذا كنت مسرور يا مسرور
لم يرد مسرور على ملاحظة جاره ومضى إلى بيته وقرر أن يدخل غرفته ولا يغادرها حتى لا يضايق أحد بابتساماته ولكنه بالمساء شعر بالضجر فدخل غرفة المعيشة وجلس أمام التلفاز وهو مبتسم وكانت نشرة الأخبار
المذيع ( مكشر ) : وفي النشرة أنباء أخرى متفرقة ، وفي خبرنا الرئيسي أفاد مراسلنا في غزة أن حصيلة العدوان الإسرائيلي صبيحة هذا اليوم قد ارتفعت إلى ثلاثين قتيلاً وعشرات الجرحى ومعنا من هناك مراسلنا حميد القمري ، حميد ماذا عن أخر التطورات
مسرور : يشعر بألم شديد في فمه
المذيع ( مكشر ) : وفي بغداد أدى الإنفجار الذي وقع إلى سقوط أكثر من مائة وعشرين ما بين قتيل وجريح
مسرور : يشعر بألم شديد لا يطاق في فمه
المذيع ( مكشر ) : وفي كابل أسفرت الغارة الجوية الأمريكية عن سقوط ما لا يقل عن سبعة عشر قتيلاً بينهم نساء وأطفال
مسرور ( يصيح ) : أرجوكم ماعدت أستطيع أن أحتمل ، ماعدت أستطيع أن أبتسم ، لن أبتسم بعد هذا اليوم ، لن أبتسم ، لن أبتسم ، لن أبتسم
زوجة مسرور : مسرور ، قم يا مسرور خير إن شاء الله هل رأيت كابوساً
مسرور : نعم ، إنه كابوس ، لقد رأيت ، لقد رأيت أني ابتسم
زوجة مسرور : تبتسم ؟! يا لطيف الطف يا رب ، هذه رؤيا لا تطمن يا مسرور ، يجب أن تعرض رؤيتك على أحد المعبرين
مسرور: لا بأس غداً سأعرض رؤيتي على صديقي مفارق العلامة فهو مؤول جيد ، نامي يا زوجتي فقد أفزعتني هذه الرؤيا
في اليوم الثاني استيقظ مسرور وهو مكشر وجلس مع عائلته على مائدة الإفطار وجميعهم مكشرون وقبل أن يخرج من المنزل نظر إلى المرآة فرأى وجهه المكشر فتنفس الصعداء وقال :
الحمد لله ، لقد كان كابوس
السلام عليكم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق