شماليات

مرحبا بكم في مدونتي المتواضعة التي أجمع فيها زبدة ما كتبته في الشبكة العنكبوتية كما وأنوه أن حقوق النشر والنقل محصورة لكاتب هذه القصص والمقالات ولا أحل أحدا أن ينقل شيء من دون ذكر المصدر والاشارة إلى كاتبها أبو ذر الشمالي

الاثنين، 29 فبراير 2016

أنا وجدتي والسفسطائية




بسم الله الرحمن الرحيم
كلما تقدم أحدنا بالعمر ينظر إلى الجيل الذي بعده نظرة استصغار وازدراء وهذه حقيقة لا أظن أن أحداً يشكك فيها ، وأنا هنا عندما أتحدث عن التقدم بالعمر لا أقصد أنه ينبغي على المرء أن يشيب شعره ويضعف بصره ويتساقط من فمه طقم الأسنان عندما يتكلم ، أنا لا أقصد هذه الشريحة من المجتمع فهؤلاء يسخطون من أي شيء ولأي شيء وبأي شيء، بل أعني نحن جيل الشباب سواء من كان منا في ريعان الشباب أو من كان يودع شبابه ليدخل مرحلة الكهولة ، فنحن عندما ننظر إلى الجيل الذي جاء بعدنا أو بتعبير أدق إلى من هم في مرحلة المراهقة ننظر إليهم نظرة استعلاء أو قل إن شئت إزدراء ،ولكن والحق يقال فهم يستحقون هذه النظرة بكل جدارة بل أن أكثرهم(وأعني المراهقين) يحملون لقب وسام التفاهة بدرجة امتياز
أما لماذا أقول هذا الكلام ولماذا أكتب هذه المقدمة المملة التي تشعرك وكأنك تتابع درساً مملاً في إحدى القنوات التعليمية التخصصية على قمر النايلسات فهي أني كنت منذ فترة أتكلم مع ابن أختي وهو في سن المراهقة بل قل أنه في ريعان المراهقة وأعتقد أنهم لم يخترعوا كلمة المراهقة إلا من أجله هو ، فكل اهتماماته منصبة على الموبايل الفلاني والنغمة الفلانية والشات والماسنجر والشلة ومتى سيذهب للسهر معهم وكرة القدم ومن ربح ومن خسر وصندويش الهمبرغر وتسريحة شعره ووووالخ
فإن نصحته أن يواظب على صلاته نصحني أن أقتني الموبايل الفلاني
وإن أكدت عليه ألا يصاحب رفقاء السوء أكد علي ألا أشتري فطيرة هامبرغر من المحل الفلاني لأن صاحبها لا يكثر من وضع الكاتشب
وإن طلبت منه أن يدخل مواقع ومنتديات هادفة يستفيد منها ألح علي بالنصح أن أدخل الشات لأقضي أوقات سعيدة مع الشباب
المختصر أنه في واد وأنا في واد وعندما أجده بهذه العقلية أجد نفسي مضطراً أن أنظر إليه نظرة ازدراء ، ولكن المشكلة ليست مقتصرة على ابن أختي ولو كانت كذلك لما كنت قد كتبت هذه المشاركة ولكن المشكلة أن كثيراً(ولا أقول الكل) من المراهقين هم بنفس العقلية وبنفس الشاكلة
ولكني وبعد تفكير وتمحيص وصلت إلى نتيجة مفادها :وماذا عن المراهقين أنفسهم وكيف ينظرون إلينا نحن ولمن هم أكبر منا سناً ، فتوصلت إلى نتيجة أن المراهقين يبادلوننا نفس الشعور فهم أيضاً ينظرون إلينا نظرة ازدراء ويعتقدون أننا لا نفقه شيئاً من الحياة العصرية وأننا نعيش في الماضي ولا ندرك أن الكون قد تغير ، وأننا ننظر إليهم على أنهم ما زالوا أطفالاً وبحاجة إلى عناية ، فكثير من المراهقين عنده أن تشتمه خير له من أن توجه له نصيحة وذلك لأنه يعتقد أنك تنظر إليه على أنه أغبى إنسان في الكون في الوقت الذي تظن نفسك فيه أنك سقراط، هكذا يعتقد ولذلك فهو ليس مستعداً أن يسمع منك نصيحة وسينظر إليك نظرة عداء وسينفر منك عندما تبدأ بشبك أصابعك وبرم شفتيك وأنت تحدثه عن خبرتك في الحياة ومدى حكمتك في التعامل مع المهمات ، تأكد أنه لن يكون مسروراً من هذا الحديث وسيتمنى أن يجد فرصة لكي يفلت من بين يديك وكم سيكون ممنوناً لو رن جرس الهاتف وجاءتك مكالمة وعندها لن يضيع الفرصة وسيطلق لرجليه العنان أو كما يقول أحبائنا في مصر( يحط ديله في أسنانه ويقول يا فكيك)
ولأوضح فكرتي أكثر دعوني أحكي لكم هذه القصة التي جرت معي عندما كنت مراهقاً وخلاصتها أني كنت شديد الولع بالفلسفة( الحمد لله الذي نجاني منها) وكنت أقرأ لفلاسفة شرقيين وغربيين بل وصل بي الحال أني كنت أحب أن ألخص أي كتاب يقع بيدي يتعلق بالفلسفة ، وفي يوم من الأيام وبعد أن قرأت عن السفسطائية قررت أن أتحف جدتي رحمها الله وأمواتكم بما فتح الله علي بهذا العلم الجليل( هكذا كنت أظن حينها فلا تنسوا أني كنت مراهقاً) وبالفعل توجهت لجدتي لأسألها عن معلوماتها عن السفسطائية مع أني كنت متيقناً أنها لا تعرف عنها شيء ولكني كنت أتوقع منها أن تقول لي:
والله لا أعرف عنها شيئاً ، علمني يا بني مما علمك الله من علوم السفسطائية
وهنا ينبري أخوكم بالله ليشرح لها ما معنى السفسطائية ومدى حاجتنا نحن البشر إلى سبر أغوار السفسطائية ويا حبذا لو ذكرت لها نتفاً من أقوال الفلاسفة عن السفسطائية وعندها ستعجب جدتي بي ولن تتردد لحظة بأن ترقيني من العين وستقول: ما شاء الله تبارك الله والله عرفت تربي يا محمد( الذي هو أبي)
ولكن شيئاً من هذا لم يحدث فعندما توجهت لجدتي رأيتها تعاني من صداع ولكن هذا لم يفت من عزمي أبداً فبادرتها بالقول:
يا جدتي ماذا تعرفين عن السفسطائية؟
فأجابتني وقد قطبت جبينها:
هااااا، من الذي لبس الطاقية!!؟؟
نظرت حينها إلى جدتي نظرة إشفاق فالمسكينة لا تعرف شيئاً عن السفسطائية وقلت بيني وبين نفسي: مسكينة أنت يا جدتي وكان الله في عونك كيف لا تعرفين ما هي السفسطائية، وكيف تعيشين حياتك وأنت جاهلة ما معنى السفسطائية ،صحيح العلم نور والجهل ظلام( هكذا قلت في وقتها فقد كان مقياس العلم والجهل عندي أن يعرف المرء ما هي السفسطائية)
عندما أذكر هذه الحادثة أضحك ملء شدقي ، في البداية كنت أضحك من قول جدتي أما الأن فإن أضحك من سذاجتي أنا ، ومنذ أيام جرى معي مثل ما جرى مع جدتي فقد قال لي أحد المراهقين من أقربائي كلمة أجنبية (الحق أني لم أعد أذكرها الأن) فحاولت أن أعيدها على مسامعه فخرجت معي كلمة أخرى ليس لها معنى(فمعرفة أخيكم باللغة الأجنبية كمعرفة جدتي بالسفسطائية) وهنا ضحك الشاب وأخذ يداري ضحكته وأعتقد أنه نظر إلي كنظرتي لجدتي رحمها الله عندما حدثتها عن السفسطائية
الخلاصة فيما تقدم أن علينا نحن الناضجين أن لا ننظر للمراهقين نظرة إستعلاء وفي الوقت ذاته أن نحاول أن نوجههم ولو بشكل غير مباشر ، كأن نصادقهم أو أن نستفيد منهم ونفيدهم، فمن المؤكد أن عندهم من العلوم ما لا نعرفه وليس من العيب أن نستفيد من هذه العلوم
من أجل ذلك فقد قررت أن ابن أختي إذا نصحني أن أقتني الموبايل الفلاني فإني سأقول له أني سأفكر في الأمر ولكن عليه أن يعدني أن يواظب على صلاته
وإذا نصحني أن لا أكل من المطعم الفلاني هامبرغر لأنه لا يكثر من وضع الكاتشب فسأبدي إهتماماً بكلامه وسأعده أني لن أكل همبرغر أصلاً من أجل عينيه ولكن على أن يعدني هو الأخر ألا يصاحب رفقاء السوء
وإذا نصحني أن أدخل الشات وأمضي أوقات مرحة مع الشباب فهنا ، وهنا فقط، سأقول له لا، لا وألف لا ، وسأقطب جبيني وأشبك أصابعي وأبرم شفتاي وأنا أحكي له خبرتي في الحياة وكيف أن على المرء أن يدخل منتديات مفيدة وسأظل أتحفه بكلامي بينما يكون المسكين ينتظر على أحر من الجمر أن يرن جرس الهاتف وأنشغل بالحديث فيه بينما يكون هو قد ولى هارباً ليتابع أخر أخبار المباريات
السلام عليكم

هناك تعليق واحد:

  1. جيد انك تلعلم انك غماط مستكبر

    قصم الله ظهرك و اخزاك في الدنيا و الاخرة يا لئيم

    ردحذف