شماليات

مرحبا بكم في مدونتي المتواضعة التي أجمع فيها زبدة ما كتبته في الشبكة العنكبوتية كما وأنوه أن حقوق النشر والنقل محصورة لكاتب هذه القصص والمقالات ولا أحل أحدا أن ينقل شيء من دون ذكر المصدر والاشارة إلى كاتبها أبو ذر الشمالي

الثلاثاء، 1 مارس 2016

الثرثار




بسم الله الرحمن الرحيم
(المشهد الأول)
عندما خرج الطبيب من غرفة العناية المركزة كان الحزن بادياً على وجهه وسرعان ما تلقفه أبو حسن وبصحبته صديقه أبو ضياء اللذان بادرا الطبيب بالقول:
ها، طمنا يا دكتور
- بصراحة الحالة حرجة للغاية، ولا أخفيكما سراً أن الرجل إصابته بالغة، فلقد ارتطمت الجمجمة بصخرة صماء مما تسبب بارتجاج في المخ
- يعني ليس هناك أمل
- هو الأن في العناية المركزة ونحن نعمل ما بوسعنا والأمر كله بيد الله
مضى الطبيب بعد أن ربت على كتف أبا حسن الذي بدا عليه الانهيار التام ، بينما حاول صديقه أبو ضياء أن يخفف عنه
أبو ضياء: هون عليك يا أبا حسن فلعل الله أن ينجي توفيق
أبو حسن: كيف أهون علي يا أبو ضياء، هذا ثالث موظف يعمل عندي يحاول الانتحار منذ أقل من أسبوع، أولهم تيسير الذي رمى بنفسه من الشاحنة ثم عبد الله وها هو الأن توفيق يعمل نفس الشيء يرمي بنفسه من الشاحنة وهي منطلقة بسرعة كبيرة
أبو ضياء: سبحان الله!!، وما هو السبب في ذلك، ولماذا يرمون بأنفسهم بهذه الطريقة؟
أبو حسن: لا أدري يا أبو ضياء، إنه لغز محير فعلاً ، فعلى حد علمي فإن الثلاثة من خيار الناس ورعاً وتقوى وما كنت لأوظفهم عندي لولا أني أثق في دينهم وأنهم يخافون الله ، فأنت تعلم جيداً أنني أعمل بتوزيع البضائع في المدن الأخرى وأقوم بملء شاحنتي بالبضائع وأرسل الموظف بصحبة السائق إلى تلك المناطق وأنا بحاجة لرجل أمين حتى يحفظ لي مالي وهؤلاء الرجال من خيار الموظفين عندي، فكيف يقدمون على الانتحار وهم يعلمون جيداً مدى حرمة ذلك؟!
أبو ضياء: ألم تسأل السائق محمود عن السر الذي جعل الثلاثة يقدمون على هذا الفعل ؟
أبو حسن: لقد سألته فأخبرني أن واحدهم يكون في أحسن حال وفجأة وبدون مقدمات يصيح قائلاً ( اللهم اغفر لي) ويفتح باب السيارة المسرعة ويرمي بنفسه منها ليلقى مصيره المحتوم
أبو ضياء: حسبنا الله ونعم الوكيل لابد أن في الأمر إن
أبو حسن: أرجو منك يا أبو ضياء أن تبقى بصحبة الموظفين الثلاثة وأن ترعاهم إلى أن أعود من سفري
أبو ضياء: وهل تنوي السفر يا أبا حسن !
أبو حسن: أنا مضطر إلى أن أسافر بصحبة السائق محمود لأقوم بتوزيع البضائع عوضاً عن الموظفين، فأنا لا أستطيع أن أتأخر عن ذلك كما تعلم
أبو ضياء: حسناً يا أبا حسن اطمئن ، سافر أنت وأنا سأظل بجوارهم لن أفارقهم أبداً وسأحرص على خدمتهم حتى عودتك بإذن الله سالماً غانماً وإن شاء الله تراهم وقد عادت لهم صحتهم وشفاهم الله
أبو حسن: بارك الله بك يا أبا ضياء فنعم الصديق أنت
أبو ضياء: في أمان الله يا أبا حسن وصحبتك السلامة
المشهد الثاني( في الشاحنة)
أبو حسن: انطلق بنا يا بني على بركة الله
محمود: بسم الله توكلنا على الله، أرجو أن تكون هذه الرحلة موفقة يا معلمي وأن يرزقك الله فيها رزقاً وفيرا ، فأهم شيء عند التاجر أن تنفق تجارته ويربح فيها الربح الحسن، أنا خالي رحمه الله كان تاجراً وكان عندما يفتح دكانه يبقى عابساً حتى يبيع أول زبون وعندها ترى الضحكة قد علت وجنتيه أتدري لماذا ؟ لأنه كان00000
أبو حسن: رويدك رويدك يا بني، دعنا نقرأ دعاء السفر ثم بعد ذلك تستطيع الكلام كما تشاء
محمود: لقد أصبت يا معلمي فأهم شيء عندما ينطلق الرجل مسافراً أن يحصن نفسه بالدعاء، فالدعاء أهم شيء حتى يحفظنا الله من وعثاء السفر ومن مخاطر الطريق ، أمي رحمها الله كانت كثيرا ما تقول لجارتنا القديمة في الحي القديم الذي كنا نعيش فيه، حيث أننا قد بعنا المنزل منذ خمس سنوات وسكنا في الحي الجديد الذي يقع عند تقاطع00000
أبو حسن: مالي أنا ولأمك ولجارتكم القديمة والجديدة والحي القديم والجديد ؟ يا بني اسكت ودعني أكمل الدعاء وأقرأ سورة ياسين وبعدها تكلم كما تشاء
محمود: ما شاء الله وتحفظ سورة ياسين أيضاً ، ما شاء الله والله يا معلمي لقد توسمت فيك الخير منذ أن عملت عندك ، وقلت في نفسي إن هذا الرجل فيه صفة الصالحين، فقرأتك لسورة ياسين فيها الخير الكثير، أنا أبي رحمه الله كان دائماً يقرأ سورة ياسين وفي يوم من الأيام دخل عليه رجل فرآه يقرأ فقال له ماذا تقرأ يا أبو محمود فأجابه والدي00000
أبو حسن: يا رجل ما بك أنت؟؟!!، أقول لك اسكت فلا تزيد إلا كلاماً ، يا بني إن الرحلة طويلة وأمامنا متسع من الوقت تستطيع أن تتكلم كيفما تشاء ولكن الأن دعني أدعو ربي وأقرأ القرآن
محمود: حسناً يا معلمي لا تؤاخذني ( يسكت برهة من الوقت) أتدري يا معلمي لقد حزنت كثيراً على تيسير وعبد الله وتوفيق ولم أدري لم صنعوا بأنفسهم هكذا، أما الأول فكنت أحكي له قصة حدثت معي فما شعرت به إلا وقد فتح باب الشاحنة وصاح قائلاً( اللهم اغفر لي) ورمى بنفسه من الشاحنة وأما الثاني فلقد حاولت أن أمنعه فدفعني بكلتا يديه ورمى بنفسه هو الأخر وأما الثالث فلقد أشار إلي بسبابته قبل أن يرمي نفسه ودعا علي قائلاً ( اللهم انتقم منه) لا أدري لماذا مع أني كنت أحكي له قصتي مع جاري الذي تشاجرت معه عندما كنت راجعاً إلى المنزل 00000000
(بعد ساعة من السفر)

فقلت له أي لجاري أنا لا أسمح لك أن تتعدى على حقوقي وتمنعني من توسعة داري فقال لي أبو سعيد البقال هدئ من روعك يا محمود ولا داع لمثل هذا الكلام فقلت له أي لأبو سعيد البقال لا تتدخل أنت يا أبا سعيد فيما لا يعنيك ودعني أحل مشكلتي بيني وبين جاري ولكنه رد علي قائلاً000
(بعد ساعتين من السفر)
فقلت له بيني وبينك المحاكم وهي تفصل بيننا فقال لي000
أبو حسن(مقاطعاً) ما رأيك يا بني لو استمعنا إلى المذياع ، نستمع إلى إذاعة القرآن الكريم ففيها الخير الكثير
محمود: كان بودي يا معلمي إلا أن المذياع قد تعطل منذ أسبوع ونسيت أن أخبرك بذلك
أبو حسن(بينه وبين نفسه) حسبنا الله ونعم الوكيل ، ما زالت الرحلة في بدايتها وهذا الرجل لا يسكت أبداً ، لا بد أن أطلب منه وبشكل حازم أن يكف عن الثرثرة
محمود: المهم أن جاري التفت إلي قائلاً000
أبو حسن: اسمع يا محمود أنا يا بني لا أحب الثرثرة ولا أحب القيل والقال ولا أحب كثرة الكلام
محمود: وكذلك أنا يا معلمي، قل لي ماذا تكره في حياتك أقول لك الثرثرة والثرثارون أبي رحمه الله كان هو الأخر لا يحب الثرثرة ومرة جاءه قريب لنا يحب الثرثرة فقال له أبي000
أبو حسن (يصرخ بوجهه): يا بني ولكنك تثرثر الأن فكف أرجوك عن الثرثرة
محمود: حسن يا معلمي أنا أسف( يسكت برهة ثم يقول)
والله يا معلمي ما زلت حائراً من أمر تيسير وعبد الله وتوفيق أما الأول فلقد كنت أحدثه فما شعرت به إلا وقد فتح باب الشاحنة وألقى بنفسه بعد أن قال0000
أبوحسن: لقد أخبرتني بهذه الحكاية منذ قليل
محمود: نعم نعم وأما الثاني فلقد أمسكت بتلابيبه فدفعني بكلتا يديه 00000
(بعد ثلاث ساعات من السفر)
وأما تيسير وعبد الله فهما لم يدعوان علي، الذي دعا علي هو توفيق ولم أدري السبب مع أني كنت أحدثه عن الشجار الذي نشب بيني وبين جاري عندما أردت أن أوسع داري فلقد قال جاري0000
أبو حسن: ويحك يا رجل ، ما بك أنت ، تريد أن تعيد على مسامعي قصتك مع جارك التي استمرت أكثر من ساعتين وأنت تحكيها لي
محمود: أسف يا معلمي لا تؤاخذني ( يسكت لحظات ثم يتنهد قائلاً)
إييييه ، أتدري يا معلمي أنا في أسوأ حالاتي ، فلقد تركت زوجتي المنزل وذهبت لبيت أهلها وهي تطلب الطلاق الأن
أبو حسن: تعمل عين العقل
محمود: ماذا قلت يا معلمي
أبوحسن: أقول حسبنا الله ، الله يهدئ النفوس
محمود: والله يا معلمي ما قصرت معها بشيء ، طلباتها كلها أوامر، مع أنها دميمة ، منخارها كبير وفتحة أنفها يتسع لفيل كبير يجلس فيه متكأً، ويديها غليظتان كأيدي الرجال وصوتها أشج كبوق سيارة الإسعاف وفمها له رائحة كريهة تشم على بعد ميل و000
أبو حسن: يا بني اتق الله، ولا تذكر لي صفات زوجتك مالي أنا ولهذا الكلام
محمود: صدقت يا معلمي بارك الله بك، ولكني يا معلمي أتساءل لماذا تركت المنزل
أبو حسن(بينه وبين نفسه): لأنه ليس هناك شاحنة تلقي بنفسها منها
محمود: زوجتي لا تحب العمل في المنزل وهي كثيراً ما تترك البيت بدون عناية ومرة دخلت أمي فرأت المنزل مثل رأس المجنونة فوبختها وقالت لها لماذا البيت هكذا يا زوجة ابني بدون عناية فردت زوجتي بوقاحة وقالت لأمي: البيت بيتي وأنا حرة فيه فأجابتها أمي : لقد زوجتك ابني حتى تريحيه وتسعديه ولكني كنت مخطئة فأنت زوجة غير صالحة فردت امرأتي بصفاقة وقالت00000
(بعد أربع ساعات من السفر)
فقالت زوجتي لأمي أنا لا أسمح لك أن تتدخلي في حياتي فأجابتها أمي حياتك يا أم حياة!! قرصتك حية بسبع رؤوس سلخت عظمك عن لحمك
أبو حسن: آمنت بالله العلي العظيم على هذه الرحلة، يا رجل اسكت ، أعطني يدك ، أعطني يدك لأقبلها
محمود: العفو يا معلمي العفو
أبو حسن: أعطني يدك لأقبلها ولكن اسكت، ما بك أنت بالع قناة الجزيرة

محمود: أضحك الله سنك يا معلمي ، قناة الجزيرة، ولكن قناة الجزيرة متخصصة بالأخبار وأنا أصدقك القول يا معلمي لا أحب الأخبار فليس فيها إلا أخبار الدمار والحروب والقتال ، ولكن أنا لي رأي بالنسبة لقضية العراق0000
( بعد خمس ساعات من السفر)
وبهذا نستنتج أن أمريكا لا تريد الخروج من العراق ، أسألني لماذا ، لأن الأمريكان0000
أبو حسن (بينه وبين نفسه) آه لو أني كنت أعرف كيف أقود هذه الشاحنة اللعينة لكنت وضعت قدمي في ظهره وطردته خارج الشاحنة
(بعد ست ساعات من السفر)
فقال لي جاري أنا لن أسمح لك بأن توسع دارك فقلت له وما شأنك أنت00000
أبو حسن:استغفر الله
(بعد سبع ساعات من السفر)
فردت زوجتي قائلة لأمي تعيريني أني لم أنجب أولاد اسألي ابنك فهو00000
أبو حسن: استغفر الله
(بعد ثمان ساعات من السفر)
أما الثاني فلقد دفعني بكلتا يديه وأما الثالث فلقد أشار إلي بسبابته ودعا علي قائلاً اللهم انتقم منه مع أني كنت أحدثه عن جاري والخلاف الذي نشب بيني وبينه إذ أنه0000
أبو حسن( يصيح) اللهم اغفر لي ويرمي بنفسه من الشاحنة
المشهد الأخير
أبو ضياء: كيف حاله يا دكتور
الدكتور: الحقيقة الوضع سيء فلقد تسببت الضربة بنزيف داخلي حاد وهو الأن بين يدي الله
أبو ضياء: حسبنا الله ونعم الوكيل من كان يصدق أن أبو حسن الرجل التقي الورع يقدم على الانتحار ، على كل حال سأظل وفياً لك يا صديقي وسأقوم بالسفر بدلا عنك حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا
محمود: بينما الثاني دفعني بكلتا يديه عندما كنت أحاول أن أمنعه من أن يلقي بنفسه من الشاحنة أما الثالث فلقد أشار إلي بسبابته داعياً علي وقال اللهم انتقم منه مع أني كنت أكلمه بشأن جاري والخلاف الذي دبَ بيني وبينه عندما أردت توسعة داري فلقد رفض جاري وقال لي00000
أبو ضياء: اللهم اغفر لي
السلام عليكم

هناك 3 تعليقات:

  1. هههههه اضحك الله سنك اخي لا اعلم عن سائقي الشاحنات لكن ما اعرفه هو ان سائقي التاكسي والمدرسين واغلب النساء لا يملون الثرثره

    ردحذف
  2. شرفني مرورك أخي الكريم وأشكرك على تفاعلك مع القصة

    ردحذف
  3. لغو
    نعوذ بالله من السفه
    اللهم انتقم من كل سفيه أحمق تطاول على من حاول أن ينصح امته اللهم اجعله عبرة لمن يعتبر

    ردحذف